الثلاثاء، 2 يونيو 2009

وفاة الحفيد ... عزاء واجب ووقفات وعظات وعبر

وفاة الحفيد ... عزاء واجب ووقفات وعظات وعبر
كلامي هذا عن حادث وفاة حفيد السيد الرئيس / محمد حسني مبارك ... محمد علاء حسني مبارك ... عزاء واجب ... أتقدم أنا المواطن / أحمد يونس بعزاء واجب للسيد الرئيس / محمد حسني مبارك رئيس جمهورية مصر العربية بخالص العزاء في وفاة حفيده / محمد علاء محمد حسني مبارك ... رحم الله الفقيد وألهم أهله وآله الصبر والسلوان ... آمين يا رب العالمين .. رحم الله جميع موتى المسلمين وأسكنهم فسيح جناته وألهم آلهم وأهلهم الصبر والسلوان ... على الرغم من معارضتي للنظام الحاكم في مصر وعلى رأسه السيد الرئيس .. إلا أن المعارضة شيء وتقديمي لواجب العزاء شيء آخر فالسيد الرئيس علاوة على كونه رئيساً لمصر شئنا أم أبينا إلا أنه في الأول وفي الآخر مواطن مصري يجب أن نشاركه أحزانه وأطراحه الشخصية فعند حدوث المصيبة يجب أن ننحي اختلافنا وخلافاتنا جانباً ... فأصعب شيء في الدنيا أن تفقد أحد أحبائك ... فالرئيس أو الملك أو الأمير أو الحاكم .. في النهاية إنسان .. يحزن ويفرح ... يُسرّ ويُغمّ ... ويتغير حاله في اليوم الواحد أكثر من مرة إنه إنسان يفرح عندما يرزقه الله سبحانه وتعالى بالولد .. ويحزن إذا أصابته مصيبة الموت ... من هذا المنطلق كان على كل واحد منا أن يتقدم بواجب العزاء لأي شخص يعرفه تعرض لذات الموقف .. ولكون الرئيس معروفاً من جميع المصريين فكان من الواجب أن يعزيه المصريين ... وقد كان ... أما الصبي فقد توفاه الله عزّ وجلّ ونسأل الله سبحانه وتعالى له الرحمة ودخول الجنة ونسأل لأسرته الصبر والسلوان .. أقول هذا بكل صدق ودون أي مجاملة أو نفاق أو أي شيء آخر . وقفات ... إن هذا الموقف نتج عنه ردود فعل عديدة ومختلفة ومتنوعة ... رغم تنوعها إلا أنها كانت تصب في اتجاه واحد .... حاولت جهدي أن أشير إلى هذه الوقفات فكان التالي : - بدايةً لا أخفي عليكم أنني ترددت كثيراً في كتابتي حول هذا الموضوع وما رافقه خشية أن يُحمل كلامي على محمل غير الذي قصدته ... ولكنني قررت الكتابة لأنني توصلت إلى القناعة أن الكتابة في أي موضوع أفضل ألف مرة من إلقاء القلم وتقطيع الورقة وكأن شيئاً لم يحدث ... - لقد شعرت بالاستياء من العديد من المظاهر التي واكبت حادث وفاة حفيد الرئيس التي كان الكثير منها خليط من النفاق والرياء وخلط الأوراق السياسية بالأمور الشخصية واستغلالها أسوأ استغلال ممكن للترويج لأمور سياسية معينة وعدم حنكة إعلامية في مواجهة الموقف وتخبط واضطراب لا داعي له مع أن الأمر في منتهى البساطة بالنسبة لطريقة معالجته ..... - شهد التعامل مع الموقف في الساعات الأولى تخبط من وسائل الإعلام المختلفة فكانوا بين أمرين هل يستمروا في برامجهم كالمعتاد أم يعلنوا الحداد وإن أعلنوه هل سيعلنوه ثلاثة أيام أم يوماً واحداً أم ماذا يفعلون .. عن نفسي شاهدت صورة غير واضحة المعالم على شاشات مختلف القنوات المصرية في الساعات الأولى منذ معرفة خبر الوفاة ثم بعد ذلك ردود فعل مبالغ فيها رافقها عيوب خطيرة في طريقة المعالجة من حيث الكم والكيف .. - تلفزيون القطاع الخاص ... المحور ودريم والحياة وغيرهم .. كان رد فعلهم مبالغ فيه جداً تمثل في وضع صورة حفيد الرئيس وإذاعة القرآن الكريم بشكل متواصل بل إن بعض المحطات على ما أتذكر المحور فتحت باب الاتصالات الهاتفية ... عارف ليه لم يكن الهدف تلقي واجب العزاء أو مشاركة الرئيس وأسرته أحزانهم .. بل كان الهدف استغلال الموقف أسوأ استغلال ممكن من الناحية السياسية واستضافت المحطات المحليين والسياسيين والمنافقين عياناً بياناً والمنافقين من تحت لتحت كلهم استغلوا هذا الحدث المحزن استغلال سيء فالبعض يقول إن الشعب المصري أظهر مدى حبه للرئيس اليوم إنهم يردون على المعارضة بأن قالوا كلمتهم اليوم بأنهم فداء الرئيس....!!! والبعض الآخر قال إنه أين الناس الذين يقولون لا ديمقراطية في مصر .. فالشعب أعلن اليوم أنهم مع الرئيس قلباً وقالباً وكل شيء وان مصر هي مهد الديمقراطية ...!!!! والبعض كاد يقول إن الشعب قال اليوم كلمته وانتخب الرئيس رئيساً مدى الحياة .. استغلال سيء لحادث جلل .. وهل أصعب على النفس من فقدان أحد أحبائها ... لقد استأت جداً من هذه المعالجة الإعلامية سواء كانت مقصودة أو مفروضة أو غير مقصودة أو الغرض منها تحقيق أغراض شخصية أو حزبية ... - فوجئت أيضا بأن القنوات عندما عادت لبرامجها العادية حولت موضوعات البرامج إلى موضوعات ترتبط بالحدث ... فبرنامج ديني أخذ يتكلم الحاضرين فيه عن وفاة الأطفال وهل يُحاسبوا يوم القيامة أم لا وهل يدخلون الجنة بدون حساب أم لا وواجب الأسرة في حالة حدوث وفاة أحد أطفالها وبرنامج اجتماعي أخذ يتكلم عن كيف تتعامل الأسرة مع حادث مثل هذا وكيف تتعايش معه وبرنامج سياسي أخذ يتكلم باستفاضة عن تأثيرات الوفاة على النواحي السياسية حيث تم تأجيل زيارة السيد الرئيس إلى الولايات المتحدة الأمريكية إلى أجل غير مسمى .. حتى إن إحداهن كتبت مقالاً بعنوان اتركوه يحزن وتم استضافتها على الهاتف في البرنامج المسمى بالعاشرة مساءاً على قناة دريم وأعتقد إن اسمها لميس الحديدي ... كانت متشنجة جداً وعصبية جداً وقالت لازم نسيب الريس يحزن وإنّ الناس في بلاد بره اللي سيادتها عارفاهم كويس بيحزنوا لو مات عندهم قطة أو كلب .. عادي جدا إن الريس يؤجّل زيارته للولايات المتحدة الأمريكية وإن الناس علقت على مقال لها ذكرت فيه ذلك بقولها أن احنا بنقول للريس خليك معانا يا ريس احنا نداوي جرحك ونشاركك حزنك ... وإن ده تصرف عادي من الريس وده مش تفريط في مصالح الدولة وانها وانها وانها ... انتهى كلام الإعلامية الفذة ... الغريب جداً بقى إن ما حدش كتب ولا قال ربع كلمة في هذا الموضوع وكل لناس مؤيدين ومعارضين لم يعلقوا لا من قريب ولا من بعيد على تأجيل الزيارة فهذا شيء مفهوم جداً جداً جداً وعادي خالص بس الظاهر هيا كانت عاوزه تصور إن فيه حرب وإن الجماعة بتوع المعارضة وحشين ومافيش في قلوبهم ذرة رحمة ... تشنج وعصبية وهجوم على أشياء هلامية لا أساس لها ... مش عارف ليه .. يُخيّل إليّ أن العديد من الناس انتهزوها فرصة ليرتقوا سلمة أخرى من سلالم الشهرة ..!!! - إن الحادثة كانت فرصة طيبة لنتعرف على أن القنوات الفضائية لديها رصيد كبير ومتميز من تلاوات للقرآن الكريم بأصوات شيوخ أجلّاء وكذلك أدعية وأناشيد دينية نادرة لم نكن لنسمعها إلا في مثل تلك المواقف والأحداث .. خُيّل إلى أن اسطوانات تلك التلاوات القرآنية العطرة والأدعية الدينية الكريمة قد زحف عليها الصدأ من تركها مهملة على الأرفف في قنواتنا الفضائية الزاخرة بأغاني هابطة سوقية وأفلام عارية وشبه عارية محفوظة على اسطوانات غير قابلة للصدأ وموضوعة في أرفف مخصوصة لحمايتها من أي ذرة من ذرات التراب خوفاً عليها وكيف لا وهي قد أصبحت في زماننا الحالي ثروة قومية لابد من الحفاظ عليها .....!!!! - خُيّل إليّ في بعض لحظات متابعتي للقنوات المصرية أننا نعيش في مملكة وليست جمهورية رئاسية .... لا أدري هل هذا التخيل وصل إلى أحد آخر أم لا . - أنا هنا ومن خلالي كلامي في هذا الموضوع لست بصدد تحليله تحليلاً كاملاً.. ولكن أرى وباختصار شديد أنه كان من المفترض أن يتم إعلان خبر الوفاة والتعقيب عليه بعزاء مختصر فقط على أن يُذاع ذلك في نشرات أخبار ذلك اليوم فقط لا أكثر ولا أقل ... فالمتوفى ليس بشخصية رسمية في الدولة إنما هو حفيد السيد الرئيس ... فهذا حادث شخصي للسيد الرئيس خاص به وبأسرته وليس أمراً عاماً من أمور الدولة العامة ... وإلا لماذا لم يهتم تلفزيون الدولة بأمر شخصي آخر من أمور السيد الرئيس وأسرته والذي كان متمثلاً في حفل زواج السيد جمال مبارك الذي تم منذ عدة أشهر .....!!! فلو كانت حجة هؤلاء أن التلفزيون وكذلك الشعب يجب أن يشاطروا الرئيس أحزانه وأطراحه ... فكان من باب أولى أن يشارك التلفزيون والشعب السيد الرئيس أفراحه وأوقات سروره وسعادته... وهل هناك فرح وسرور وسعادة أكبر من حفل زواج الابن البكر للسيد الرئيس .........!! - كنت أتمنى أن تكون المعالجة الإعلامية والرسمية للموضوع تتسم بالرصانة والحكمة والموضوعية .. ولكن أمنيتي ضاعت هباءاً فتذكرت أن هذه هي مصر ....!! عظات وعبر : - كفى بالموت واعظاً ... ومن لم يتعظ بالموت فالنار أولى به .. فهذا هو الموت الذي لا يفرّق بين حاكم ومحكوم ... بين صغير و كبير .. بين رجل وامرأة .. بين أبيض وأسود ...بين رئيس ومرؤوس ... هذا هو الموت الذي هو أقرب إلينا مما نتخيل .. هل فكر أحد منا في الموت .. هل فكر أنه سيأتي عليه يوم لن يكون له غداً بالنسبة له ... هل فكر أحد منا أن يعمل لآخرته كأنه سيموت غداً .. ... هل فكرت أنك ستقف غداً أمام رب العزّة جل جلاله ليحاسبك .. فماذا تقول لربك غداً ...... هذا على النطاق الشخصي لأي منا .. ولكن على النطاق العام .. هل فكر الحكام الذين يفكرون أو يخططون لتوريث الحكم لأبنائهم أن الموت قاب قوسين و أدنى لأي واحد منهم .. له أو لوريثه .. هل فكر أصحاب المناصب العليا الذين يخططون في ترك مناصبهم لأبنائهم دون وجه حق بأن الموت أقرب من أبنائهم أكثر مما يتصوروا وقد يخطفهم قبل أن يجلسوا على أي من تلك الكراسي الرفيعة القابعين هم عليها الآن .. هل فكر كل صاحب منصب أو حاكم أو رئيس ناهيك عن كل ملك أو أمير .. هل فكر هؤلاء في الموت ...... ........ أشك . - إن لم يكونوا فكروا من قبل فيه فعلى الأقل هم مازالوا أحياء فليبدءوا في التفكير فيه من الآن منذ تلك اللحظة ... وإن كانوا فكروا فيه ولكن مازالوا على حالهم من الظلم والبطش وعدم العدل بين أفراد شعوبهم .. فمن لم يتعظ بالموت ... فأي المواعظ ينتظر ....!!! وختاماً ... ياليت كل منا يتدّبر قول الله سبحانه وتعالى في سورة لقمان الآيتين أرقام 33 ، 34 من السورة الكريمة

ليست هناك تعليقات: